هل يمكننا تقييم ذكاء الآخرين بدقة !

ماهي ماهية الذكاء؟ تختلف وتتنوع الأجوبة , ولكن يمكننا القول أن الذكاء هو القدرة على التكيف في البيئة بواسطة استخدام المهارات والأدوات للتعايش في تلك البيئة , وفي العالم الذي تسود فيه المفاهيم المجردة والأنظمة المعقدة والمعلومات الرمزية فإنه من غير المفاجىء أن تكون هذة القدرات مرتبطة بسرعة البديهة و احتمالية التعلم والمعرفة , يعني بإمكاننا تعريف الذكاء بأنه القدرة على حل المشكلات بواسطة ربط الافكار وإيجاد أساليب أسرع وأفضل من الاخرون .

ماهي أفضل طريقة لقياس الذكاء ؟!
هناك مايعرف بإختبارات الذكاء وعلى الرغم من ان أكثر الناس لا يحبذوا هذا النوع من الإختبارات إلا أن بعض علماء النفس يجدوا أن هناك علاقة متبادلة بين نتائج اختبار الذكاء من جهة والأداء الاكاديمي أو الوظيفي أو النجاح في العمل من جهة أخرى.

أما الحصول على نتيجة عالية في اختبار الذكاء فإنه يتنبأ بالوصول الى مستويات عالية من النجاح على كل جوانب الحياة , وعلى الرغم من أن اختبار الذكاء تم تصميمه في البداية لقياس الإنجازات المدرسية ,إلا أن الدراسات قد اظهرت أن اختبارات قياس الذكاء أيضاً قادرة على التكهن بالإنجازات الغير فكرية مثلاُ العلاقات العاطفية والمهارات الإبداعية والفنية وكذلك الوضع الإجتماعي والإقتصادي بل والحالة الصحية وطول العمر , بل إن إختبارات الذكاء قادرة ايضا على معرفة صفات وأطباع الشخص مثل التحكم بالنفس و الحكمة والتعامل مع المخاطر .

في حين أن البيئة المحيطة وعوامل اخرى تلعب دور في كل تلك الأشياء إلا انه مازال يمكن القول بأنه لايوجد مؤشر أفضل لقياس احتمالية تكيف وتعايش شخص ما أكثر من إخضاعه لإختبار ذكاء .

مالذي يخبرنا به الحدس ؟
بالطبع هذا لايعني أن إختبارات الذكاء هي فقط الطريقة الوحيدة لقياس الذكاء , ففي الحقيقة نحن بالفعل نقوم بإستنتاجات غير رسمية لمدى ذكاء أحدهم , حتى بعد التفاعلات الإجتماعية القصيرة نحن نقوم بذلك طوال الوقت , بعد دقائق معدودة من لقاء شخص ما نبدأ بالحكم على مدى ذكائه وكفائته وسرعة بديهته , وحتى ولو اكتشفنا بالأدلة عدم صحة استنتاجاتنا سنمانع في تغيير النظرة الاولى , فكما يقول علماء النفس أنه لاتوجد فرصة ثانية للانطباع الأول .

والأكثر من ذلك أن إعتقاداتنا الغير رسمية لذكاء أحدهم ليست بحاجة إلى دقة منطقية فقد نعتبر شخص ما عبقري في حين أنه ليس كذلك لدرجة أن نفسر تصرفاته على انها دليل لذكائه حتى ولو لم تكن كذلك فقط لنثبت ونؤكد على إنطباعاتنا الأولى الإنحيازية .
لكن في الحقيقة إن أحكامنا المبنية على الحدس ليست دائماً خاطئة , فقد أظهرت الدراسات أن تقييماتنا الغير رسمية لمدى ذكاء أحدهم ليست بعيدة تماما عن نتائج اختبارتهم لمستوى الذكاء , فمثلاُ صديقك المفضل أو شريك حياتك أو زميلك في العمل أو الدراسة المقرب يميلوا لإمتلاك معدل ذكاء قريب من معدلك بالرغم من أننا لم نخترهم  وفقاً لمعدلات ذكائهم , وحتى عندما نُسأل لتقييم ذكاء المعارف أو زملاء الدراسة أو الأقارب فإن تخميناتنا سوف تفترب لنتائج معدلات ذكائهم , ولكن على الجانب الاخر يميل الشخص لتقدير مستوى ذكائه اكثر من مستواه الحقيقي .

الأمر لايتعلق فقط بالتخمين والإعتقاد بمعدلات ذكاء الاخرين , فنحن نأخذ بالحسبان مؤشرات أخرى فمثلاً الذكاء العاطفي يتيح لنا معرفة قدرة الفرد على التعامل مع الضغوط وانفتاحه على التجارب يمكّننا من معرفة قدرته على تعلم التفكير الناقد وأيضا طموحه وأحكامه تلعب دور مهم لتحديد مدى قدرة الفرد على التعامل مع المهام وتحقيق الأهداف بعناد بعيداً عن معدل ذكائه الفعلي .
وهذا مايفسر لماذا أحيانا أصحاب معدلات الذكاء العالية غير مشهورين بالذكاء والعكس بالنسبة للأشخاص الناجحين بلا معدلات ذكاء عالية .

قد تكون إختبارات قياس الذكاء غير مفضلة عند الجميع ولكنها مازالت وسيلة مفيدة لقياس الذكاء , وعلى كل حال فضولنا لمعرفة مدى ذكاء الآخرين لن يخفتي إذا قمنا بإلغاء وتجاهل هذة الاختبارات , ومع ذلك من الخاطيء جداً اعتبار أن نجاح الشخص يعتمد على معدل ذكائه "فقط "بل هناك عوامل اخرى كثيرة شخصية وبيئية , وهناك العديد من الأمثلة لأشخاص أذكياء قاموا بإتخاذ قرارات نستطيع القول بأنها غبية كلفتهم كثيراً ففي النهاية حياتنا الواقعية هي اختبار معدل الذكاء الأمثل والاقوى .