“ليس مما يفيد الإنسان المعاصر أن يعرف طول نهر المسيسبي ما دامت هذه المعلومات موجودة في أي دائرة معارف.. إنها ثقافة الكلمات المتقاطعة التي يصرون على أنها الثقافة ولا شيء سواها، بينما الثقافة هي أن تستخدم ما تعرف في تكوين مفهوم متكامل للعالم من حولك وكيفية التعامل معه..”
احمد خالد توفيق
كيف اصبح مثقفا :
كلمة الثقافة هي مفهوم واسع وشامل لحياة الإنسان من كل النواحي المعرفية و العلمية والإجتماعية والسلوكية وتشمل الثقافة الفنون والآداب والهندسة المعمارية ومبادىء المجتمع وتراثه ، و يمتد تعريف الثقافة إلى ممارسات المجتمع مثل الرقص و الموسيقى والمعتقدات الدينية والطقوس والتقنيات مثل استخدام الأدوات والطبخ والملابس والآثاث ، الثقافة هي التي تميز الشعوب عن بعضها البعض وتصنع لوحة فنية للمجتمع الإنساني والتي قد تثير في نفوسنا الفضول وحب المعرفة عن لماذا هذا الإختلاف .
العلم والمعرفة :
فربما مانريد قصده بالإنسان المثقف هو أن نصفه بالمتعلم صاحب العلم و المعرفة والفكر الأكثر اتساع والأعمق إدراك ، فالسؤال كيف للإنسان أن يصبح متعلماً واعياً أكثر دقة وملائمة من كيف تصبح مثقفاً ، والإنسان المثقف أو المتعلم ليس صاحب المخزون الوافر من المعلومات بل هو صاحب العقل الأكثر مرونة والأوسع أفق , والأكثر قابلية لتقبل وامتصاص العلوم والمعارف والأفكار وتكوين المفاهيم .
التعليم الأكاديمي ليس كل العلم :
من المؤسف ان يظن الإنسان بأن إتمامه للدراسة والحصول على الشهادة أو الإجازة هو إنتهاء تام للعلم والمعرفة فيتوقف عن محاولة التعلم ووتزويد نفسه بالمعارف وصقل مهاراته وتعلم مهارات أخرى وكأنما الإنسان عاجز عن تعليم نفسه ذاتياً بعيداً عن مقاعد الدراسة و رهبة المعلمين و كآبة الإمتحانات ، التعليم الأكاديمي هو فقط أول خطوة على سلم العلوم والمعارف والفكر ، التعليم الأكاديمي هو فقط مجرد الفاتحة لتكون أكثر وعي وثقافة هو الأساس في عملية غير منتهية إلا بإنتهاء الإنسان ، لذا نستطيع أن نقول أن الإنسان هو تلميذ نفسه ومعلمها .
التعليم الذاتي :
من هنا يبدأ الوعي الحقيقي من هنا تنمي الفكر وتثري المعرفة وتصقل المهارة ، والرائع في هذا الأمر أنك لست بحاجة للالتحاق بمؤسسة حكومية ولست بحاجة لبذل المال ولا الخضوع لجدول زمني معين يعيقك أو يعجلك أو منهج معين ممل تخضع له ، وبهذا يمكنك أن تكون فيلسوفاً أو عالماً في مجال معين أو ذو خلفية معرفية قوية أو لا بأس بها ، يمكن التعمق وسبر أغوار أي شيء تحبه بكل سهولة وبلا قيود .
تعدد الطرق وسهولة الوصول :
لا يمكن لشخصين أن يختلفان على أن العلوم والمعارف الآن أصبحت متوفرة بين أيدينا وربما في أغلب بقاع الأرض يوجد هناك تقنية هذا العالم الرقمي الجميل فسواء أردت قراءة كتب أو مقالات أو مشاهدة برامج وثائقية أو الإستماع لكتب مسموعة ، لقد أصبح الأمر سهلاً يسيراً بعكس ماكان قديماً يصعب على الفرد العادي أن يجمع ولو بعض المعلومات ، لذلك ربما الآن نستطيع أن نلوم الجاهل على جهله .
أنت جاهل مهما بلغت من العلم :
نعم إنها الحقيقة ، عقل الإنسان أرقى الكائنات الحية ولكن مهما بلغ فيه من الذكاء سيبقى جاهلا غير مدركاً لكل العلوم والمعارف والكون والماديات والحياة برمتها ، إن كنت باحثاً وعلى دراية تامة بموضوع معين فستبقى جاهلاً بمواضيع ونواحي أخرى كثيرة ، فليس هناك أمر يدعو للمباهاة والفخر لما تعرف ، وليس هناك سبب يدعو للخجل لما لا تعرف.
المعرفة ليست الأخلاق :
ليس كل مثقف خلوق وليس كل خلوق مثقف ، الضمير والأخلاقيات شيء لا يقاس بالعلوم والمعارف ولا بالأعراق والمعتقدات ,لكن هـذا لا يتعارض مع حقيقة أن للمعرفة والعلم تأثير على وعي الإنسان وحياته وقرارته ولكن في النهاية الشخص وحده هو القادر على استخدام مايملك في طريق الخير أو الشر .
كونك مثقف لا يعني أنك مفكر:
هناك فرق بين تلقي المعلومة وحفظها وبين تأملها والتعمق فيها ، قد يقرأ شخص في موضوع معين بإسهاب وكثرة لكنه في النهاية قد لا يمكنه أن يبني رأيا أو يجدد فيه أو يضيف إليه أو حتى أن يأتي برأي آخر معارض بطريقة ملائمة ومنطقية أو مثلاً قد يكون أقل قدرة على الدخول في حوار عن هذا الموضوع ، ومن هنا نستطيع أن نقول ليس كل قارىء مفكر وليس كل مفكر قارىء ، فهناك المتلقي و هناك المفكر .
المعرفة لا تقتل الفكاهة :
يخشى البعض أن ينغمس في عالم الفكر والمعرفة فيفقد ذلك الجانب اللطيف في شخصيته نعم من منا لا يحب الشخص المرح ، وعلى الأرجح الشخص المرح لا يحب أن تُفسد الثقافة مرحه لكن سأجزم القول بأن العلم والمعرفة لاتفسدان للمرح جانب وهناك أمثلة كثيرة لعلماء ومفكرين عُرف عنهم المرح و حس الفكاهة.
وأخيراً هذة المقالة تحدثت فيها عن ماهية الثقافة وعلاقتها بجوانب مختلفة في شخصياتنا وحياتنا وسيكون المقال القادم عن كيف تحدث عملية التعلم كيف تجد نفسك تتحول من مجرد شخص عادي بعقل عادي إلى شخص مختلف قادر على تمييز المعلومات وتحليلها وسردها وتكوين مفاهيم خاصة أو عامة >>>>
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق